كلية الاعلام/ خاص…
نظمت كلية الإعلام بقسم الصحافة حلقة نقاشية حول  التغطية الصحفية للحروب قدمتها الدكتورة أزهار صبيح.

تناولت الحلقة النقاشية تركيز وسائل الاعلام في تغطياتها الإخبارية على الحروب والصراعات، وذلك لأهمية هذا النوع من التغطية وتأثيره الواسع في تصورات الجمهور بشأن تلك الحروب، واستعانتهم بما توفره وسائل الاعلام من معلومات وأخبار من أجل اتخاذ المواقف إزائها.
وطرحت الحلقة النقاشية (حرب فيتنام) إنموذجاً  حيث أُتيح للصحفيين الأمريكيين دخولاً غير مشروط إلى ساحات المعارك، ومنحوا حرية شبه تامة في تغطيتها إخبارياً. وعلى الرغم من اتهام الرئيس نيكسون وقتئذٍ وسائل الاعلام بإغراق موجات الأثير بصور المعاناة الإنسانية والتضحيات التي نجمت عن الحرب، ملقياً اللوم عليها في فشل السياسة الأمريكية، إلا ان الواقع يفيد بأن وسائل الاعلام الأمريكية قدمت صورةً منقاة عن الحرب، إذ نادراَ ما أظهرت صوراً مأساويةً للمصابين من العسكريين والمدنيين، وذلك تجنباً لإضعاف المعنويات.
وسلطت الحلقة الضوء على دعم الصحافة للسياسة الأمريكية حتى آخر مراحل الحرب، بعد أن بدا من الواضح أن النصر غير مضمون في تلك الحرب، وأشار المصور الصحفي البريطاني Philip Jones إلى الصعوبة البالغة التي واجهته وهو يحاول إيجاد وسيلة اعلام امريكية تقبل نشر صور معاناة الشعب الفيتنامي التي التقطها إبان الحرب المذكورة.
وتناولت الحلقة إنموذج آخر لأحد البحوث الذي عمد الى تحليل الصور المستخدمة لتأطير احتلال العراق في عام 2003م في أربع مجلات أمريكية هي: تايم، ونيوزويك، ويو أس نيوز، وورلد ريبورت، وبعد تحليل 2258 صورة نشرت في الـ6 أشهر التي أعقبت الاحتلال، اتضح هيمنة وجهة نظر الحكومة الأمريكية على التغطية الإخبارية والتي تركز على إطار الصراع وبنسبةٍ أقل على إطار الاهتمامات الإنسانية، وأظهر البحث أيضاً اهمال تلك المجلات وجهات النظر المعارضة للحرب، والمظاهرات والاحتجاجات ضدها والدمار الذي تسببت به الحرب، والخسائر البشرية الناجمة عنها، كما قارن احد البحوث ذات الاختصاص بين أطر التغطية الإخبارية للحرب على العراق في عام 2003 في كلٍ من الجرائد السويدية والأمريكية، واسفر عن ان السياسة الخارجية في كلا البلدين تؤثر تأثيراً كبيراً في عملية التغطية الإخبارية للحرب. وأشارت النتائج ايضاً إلى ان أصوات النخب السياسية الوطنية أسهمت في إحداث الفرق بنبرة التغطية بين الجرائد في البلدين ففي السويد، كان من الواضح أن السياسة الخارجية السويدية معارضة للحرب وقد انعكس ذلك في التغطية السلبية للحرب مقارنة بالجرائد الأمريكية تحديداً (نيويورك تايمز وواشنطن بوست) اللتان عكستا آراء النخبة السياسية الأمريكية المؤيدة للحرب في حينها.
تهدف الحلقة الى بيان مدى تأثير التغطية الصحفية للحروب باعتبارات تتعلق بالمنتج الصحفي، إذ أن البحث المستمر عن الأفلام والصور والقصص الخبرية التي تتسم بالإثارة، يقود القنوات التلفزيونية والمجلات إلى تغطية الحروب بالتركيز على المعارك، ومهمات القوات الخاصة غير الاعتيادية. بينما يتم التعامل مع الاحتجاجات المناهضة للحرب على أنها أخبار تتعلق بأعمال الشغب الاجتماعي. وفي تقييمه للاعتقاد الذي كان سائداً بأن وسائل الاعلام الامريكية اتخذت موقفاً معارضاً من السياسة الامريكية الرسمية بشأن حرب فيتنام.
من الجدير بالذكر إن التغطية الإخبارية للحروب تعتمد على اتجاهين رئيسين، يعدَ الاتجاه الأول الصحفي ناقلاً للحقيقة كما هي من دون تدخل، إذ على وفق مثل هذا النوع من التغطية يقف الصحفي متفرجاً ويحاول نقل الحقائق كما هي ليحقق الموضوعية قدر الإمكان، وهذا الاتجاه مبني على الفكرة التقليدية عن الصحافة الموضوعية، بأن يقدم الصحفي الأحداث كما تبدو، وأن لا يحاول ابداً اصدار الأحكام بشأن هذه الاحداث او تفسيرها. ويتمثل الاتجاه الآخر والذي اقترحه مراسل BBC مارتن بيل في عام 1997م بإلحاق الصحفي بالحدث، إذ يتوجب على الصحفي هنا عدم الاكتفاء بالملاحظة السلبية للحدث، بل ينبغي عليه المشاركة الفاعلة فيه واتخاذ موقفٍ إزائه، وإصدار الأحكام والتأثير في الصراع. انتهى/64

تم تعطيل التعليقات