د هاشم حسن التميمي
وجدت حرجا كبيرا في تناول هذا الموضوع من زاوية صحفية في غاية الموضوعية خوفا من تداخل الامر مع صفتي عميدا لكلية الاعلام ومحاولات البعض لاصطياد العمداء بل كل الشرفاء بالمياه العكرة بخلط الاوراق وحسمتامريلقناعتي وايماني المطلق بمقولة ان الساكت على الحق شيطان اخرس..!
يفترض إن لكل كلية وجامعة خطة علمية مدروسة بطريقة متناهية تحدد من خلالها الاحتياجات العلمية والوطنية للدراسات العليا وعدد المقاعد في( الدبلوم العالي والماجستير والدكتوراه) انطلاقا من النظرة لتوفر مستلزمات الدراسة و لنتائج المرجوة من البحث العلمي كونه وسيلة فعالة لإيجاد حلول مجتمعية ومختبريه للعديد من المشكلات، ويفترض أيضا إن تتاح الفرصة لأكثر الناس تفوقا وتميزا ولنقول عبقرية لنيل هذه الشهادة بكفاءة وعدالة لايختلف اثنان على شخصية وقدرات حاملها، وليس الهدف من الدراسات العليا منح ألقاب علمية تشريفي تليها بمرور الزمن امتيازات لأشخاص لايستحقونها علميا وعمليا ينتج عنها انهيار في الرصانة العلمية لان فاقد الشيء ليعطيه بل ستتوسع دائرة الاستثناءات والاستحقاقات غير المبررة علميا وتتراجع المعايير وتنهزم التقاليد تحت مطرقة الضغوطات المتنوعة الإشكال والمصادر، ونحن نعلم إن الأمم لا تنهض أو تتقدم إلا بترسيخ التقاليد والتمسك والدفاع عنها، واختراقها يمثل ثغرة ستفضي للقضاء على البنية التحتية للأخلاق العلمية..!
نعم نتفهم حجم الضغوطات الإنسانية والاجتماعية التي تتعرض لها الوزارة والجامعات وسعيها لتحقيق رغبات المزيد من الراغبين باستكمال دراساتهم العليا، وندرك الحجم المتصاعد من الرغبات والطموح لنيل الشهادات العليا بكل الطرق وبأي ثمن، ولكن الصحيح أيضا إن العلم ومقاييسه يجب إن لا تخضع للمساومات والاستثناءات والتوسعات إلا في نطاق ضيق جدا وضمن الضوابط والتعليمات والخطة المرسومة، وعلينا إن ندرك بان ليس كل الطموح مشروعا و كل الاستثناء مقبول، والصحيح إن تعلن بشفافية معايير منافسة علمية على مقاعد محددة تشغل من أكثر الناس تأهيلا علميا وخبرة في ميدان التخصص وليس لاستكمال الوجاهة والتباهي باللقب العلمي ،ولا نبالغ بالإشارة لبعض حملة الدكتوراه في العديد من التخصصات وقد اسأؤ لهذا اللقب الذي كان له ذات يوم بريقا خاصا لكن سياسات الاستثناء وخرق المعايير والتي يجب إن تكون قاسية وصارمة كما ينبغي إن يكون العلم وأهله فجملة من الإجراءات المتسرعة التي اتخذتها الوزارة في مراحل متعددة أزالت هذا البريق، فلأخير في كثرة الشهادات وضعف التخصصات وهزاله من يكنى بها ولا يمنحها حقها العلمي واعتباراتها الاجتماعية. وعلينا ان نحتكم للدستور الذي منع سياسة التمييز بين المواطنين وعدهم سواسية في الحقوق والواجبات والفرص الممنوحة.
إن العديد من الجامعات وبصراحة تامة لا تتفق مع التوسعات غير المبررة خاصة في قنوات النفقة الخاصة وقنوات أخرى التي لا تخضع للضوابط العامة وتسفر عن ترشيحات تشمل في اغلبها أشخاص لا يمتلكون الحد الأدنى من التأهيل العلمي المعقول، وأكدت التجربة رسوبهم المتكرر في اغلب مواد التخصص رغم الفرص التراكمية التي تمنحها الوزارة و تجبر الكليات للتساهل معهم وأخرها الدور الثالث الذي حير كل الإدارات الجامعية ولم تجد له تفسيرا منطقيا يبرر التراجع عن الرصانة العلمية المطلوبة.
ولا ندري هل المطلوب إن تكون لنا جيوشا من حملة الشهادات العليا، أم المطلوب شهادات رصينة تخدم حركة العلم والمجتمع وتمنح لمن يستحقها لتميزه العلمي وليس لا بشيء أخر، فيمكن إن نمنح الآخرين الذين ظلموا أو حرموا كل ما يستحقونه ماديا ومعنويا إلا العلم فهو ساحة حرة للتنافس العلمي الشريف أساسه المفاضلة على أساس الكفاءة والمقدرة العلمية خشية من إشاعة ثقافة ترى في الشهادات العليا استحقاقات اجتماعية وسياسية وليس متطلبات علمية لها آليات ومستويات عقلية ومؤهلات علمية…. ونقولها منطلقين من باب الحرص على مستقبل البلاد وسمعة التعليم العالي التي تسعى لإصلاح ماخريه الدهر واختراق النظام السابق للتقاليد الجامعية وانتهاك خصوصياتها واستقلالها إن نعيد النظر ونجري مراجعة لكل ما اتخذناه من مبادرات وتقييم أثارها الخطيرة على الرصانة العلمية التي ننادي بها ونتخذ إجراءات تخالف مساراتها وخططها فتكرار الفرص لمن لاستحقها سياسة خاطئة ستسقط الشهادة من قيمتها العلمية وتؤدي لضياع خط الشروع في المنافسة ونيل الاستحقاق بكفاءة وجدارة وتخلق الأجواء المساعدة على التسيب واللجوء لطرق ملتوية للنجاح وانتزاع الشهادة بالضغوطات والاستثناءات وليس بالجدارة وسهر أليالي، ولمصداقية هذا الكلام ندعو لإجراء استطلاعات لأراء الهيئات التدريسية في الجامعات إزاء هذه الإجراءات التشريعية والتوسعية وسنقبل بنتائج هذا الاستطلاع المنصف أو الدراسات المسحية ولا يصح بعد ذلك إلا الصحيح.
ملاحظة: كتب الزميل د .هاشم حسن عن هذه الظاهرة مقالة اكثر قسوة في ظل النظام السابق بعنوان ( امنحوا المكرمين كل شيء إلا العلم فاتركوه لأهله..) مما دفع رئيس محكمة الثورة هادي مسلم الجبوري للمطالبة بإعدامه وستنشر المستقبل لاحقا ذلك المقال الوثيقة.