بحثت في كلية الاعلام بجامعة بغداد, الاحد أطروحة الدكتوراه الموسومة (الصحافة العربية إزاء الازمة السورية ـ دراسة تحليلية لمقالات جرائد الاهرام ، الرأي ، الشرق الاوسط ، الصباح للمدة من 1/10/2015 ولغاية 31/12/2015).
تناولت الدراسة “اتجاهات الصحافة العربية ازاء الازمة السورية”، وهي أزمة ذات أبعاد دولية، وبالنظر لتعقيداتها فقد امتدت لسنوات طويلة، ولاقت اهتماما عالميا بفعل تداعياتها الممتدة الى خارج الحدود الجغرافية للدولة.
واستهدفت الدراسة آراء الصحف حيال الازمة ومواقفها من أطراف النزاع ونظرتها لسبل الحل، و حتى تكون النتائج أقرب للتعميم اختيرت اربع صحف ذات طابع شبه رسمي، وتتوزع على النطاق الجغرافي العربي، فجرى اختيار جريدة “الاهرام” المصرية ممثلة عن دول شمال افريقيا العربية، وجريدة “الرأي” الاردنية للإقليم المعروف تاريخيا بـــ (بلاد الشام) في حين اختيرت “الشرق الاوسط” السعودية جريدة خليجية، و “الصباح” جريدة عراقية لضمان توازن الدراسة وأخذها بالمواقف كافة مهما كان اختلافها.
كما تضمنت الاطروحة التي حملت عنوان ( اتجاهات الصحافة العربية إزاء الازمة السورية ) للطالب عدنان جلاب منيجل ، اربعة فصول، أشتمل الفصل الاول الاطار المنهجي للدراسة من اهمية البحث ، ومشكلته ، وأهدافه ، ومنهجه ، الى جانب حدوده واجراءاته ، وتضمن الفصل الثاني تأطيرا نظريا للازمات ودور الاعلام فيها تغطية واداءً وتحليلاً، فضلا عن انعكاسات هذا الدور على الرأي العام.
وناقش الفصل الثالث الازمة السورية من حيث اسباب الاندلاع والمواقف الداخلية والخارجية والتداعيات والاثار، فضلا عن المبادرات العربية والدولية لإيجاد الحلول ، وتطرق الى الازمة السورية في اعلام بلدان (مصر و الاردن و السعودية و العراق) ثم سلّط الباحث الضوء على واقع الصحافة العربية الراهن وابرز ما يعتريها من مشاكل تؤثر على طبيعة معالجتها للأحداث.
وتناول الفصل الرابع الدراسة التطبيقية بدءا من جريدة “الاهرام”، إذ جرى اولا عرض شرح واف لتأسيس الجريدة وتطورها التاريخي، ثم استعراض اتجاهاتها ازاء الازمة السورية بشكل متسلسل، وبعدها جريدة “الرأي” الاردنية من حيث تأسيسها وتطورها ثم موقفها من الازمة، ثم جريدة “الشرق الاوسط” السعودية، فضلاً عن جريدة “الصباح” العراقية، وقد رتب الباحث الصحف بحسب القدم من حيث الصدور، ليتجنب التحيّز ويتوخى الموضوعية.
وقد توصلت الدراسة الى الاستنتاجات الاتية:
اعطت الجرائد الاربع (الاهرام و الرأي و الشرق الاوسط و الصباح) أهمية منظورة للازمة السورية في مقالاتها، مع تباين واضح في مستوى الاهتمام الذي بلغ الثلث الى اجمالي المقالات في بعضها، وانخفض الى العُشر في بعضها الاخر.
كما أبرزت جريدة “الشرق الاوسط” الموقف الرسمي السعودي من الازمة، ودافعت عنه في مقالاتها، في حين كان الامر أقل بروزا في جرائد “الاهرام” المصرية، و “الرأي” الاردنية و “الصباح” العراقية توالياً.
هذا وقد أبدت الجرائد الاربع تحيزا لاحد اطراف الصراع ولكن بصورة متفاوتة، ففي حين سخّرت “الشرق الاوسط” امكاناتها لدعم تيارات المعارضة وبعض المجاميع المسلحة المرتبطة بها، فان جريدة “الرأي” شهدت انقساما بين كُتاب يدعمون الطرف الاول المتمثل بالنظام السوري، وإن كان بشكل غير مباشر، وكُتّاب اخرون يدعمون المعارضة، في حين كانت جريدة “الاهرام” قد مالت الى تأييد النظام بمبرر الحفاظ على وحدة الدولة وكيانها، وعملت جريدة “الصباح” على وفق المبدأ نفسه، ولم يسجل لها مواقف مضادة لنظام الحكم في سوريا الا القليل.
لذا أجمعت الصحف الاربع على طابع الازمة الدولي، وأقرت بخروجها عن السيطرة بسبب التدخلات المتعددة، لكن جريدة “الشرق الاوسط” بررت التدويل والتدخل الخارجي بحماية الشعب السوري من نظام دكتاتوري “محتل”، ودعمته بشقيه “العربي” و “التركي” وحاولت جذب الاميركي الى الساحة، في وقت انتقدت التدخل الروسي والايراني و عدّته “كارثيا” ومعقدا للازمة.
رأت جريدة “الاهرام” في المقابل التدخل الروسي مهما لحل الازمة، وتقوية الدولة وحفظها من الانهيار وتجنيب المنطقة الفوضى، وانتقدت التدخلات الاخرى، وهاجمت بالأخص التدخل التركي، وعملت جريدة “الصباح” العراقية على وفق المنهج نفسه، أما جريدة “الرأي” فتذبذبت آراؤها بين طرف يؤيد روسيا والحكومة السورية وحلفاؤهما، وآخر مؤيد للطرف المضاد المتمثل بالولايات المتحدة والسعودية وتركيا واطراف اخرى لا تؤيد النظام وتنادي بإسقاطه .
تم تعطيل التعليقات